«فرانس برس»: مقتل سائحة سويسرية يفتح النقاش حول حرية الإعلام في الجزائر
«فرانس برس»: مقتل سائحة سويسرية يفتح النقاش حول حرية الإعلام في الجزائر
قالت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، إن السلطات الجزائرية تجنبت الإعلان عن مقتل سائحة سويسرية بمدينة جانت، جنوب شرق البلاد، قبل ثلاثة أسابيع، مما أثار تساؤلات حول الشفافية وحرية الصحافة في التعامل مع الأحداث.
وأضافت الوكالة، اليوم الخميس، أن وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى فحوى الجريمة، التي ارتكبها "شخص من شمال البلاد"، لكن لم يُسمح بنشر المزيد من المعلومات.
وأضافت، أن السلطات طلبت من السكان المحليين "عدم نشر" أي تفاصيل عن الحادث على منصات التواصل الاجتماعي، بينما تداولت وسائل إعلام أجنبية وعربية الخبر.
سجل طويل من العنف
يعتبر هذا الحادث الأول منذ نحو 10 سنوات، حين قتل السائح الفرنسي إيرفيه غورديل في عام 2014 على يد جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش.
وشهدت الجزائر خلال التسعينيات مواجهات مسلحة بين الحكومة والجماعات الإرهابية، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، بعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها الجماعات الإسلامية في ديسمبر 1991.
وتطرح هذه الأحداث بحسب وكالة الأنباء الفرنسية تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة مع القضايا الأمنية والإعلامية في ظل تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
إصلاحات تثير مخاوف الصحفيين
أصدرت الحكومة الجزائرية العام الماضي حزمة من القوانين الإعلامية، تضمنت قانوناً عضويًا للإعلام، وقوانين لتنظيم الصحافة المكتوبة والإلكترونية والسمعية البصرية.
ودافعت الحكومة عن هذه القوانين على أنها تهدف إلى ضمان حرية العمل الإعلامي، لكن منظمة "مراسلون بلا حدود" اعتبرت أن هذه القوانين تتضمن “فصولاً سلبية تشكل انتهاكاً لحرية الصحافة”.
وأشارت إلى تزايد التهديدات ضد الصحفيين، مشددة على أن الجزائر تحتل المرتبة 129 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024.
اعتقالات وملاحقات
تظهر التقارير أن السلطات الجزائرية اعتقلت عددًا من الصحفيين، وأغلقت عدة وسائل إعلام، وهو ما أثار انتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية.
ومن بين المعتقلين القاضي إحسان، مدير مؤسسة "أنترفاس ميديا"، الذي حُكم عليه بالسجن بسبب كتاباته النقدية، مما أثار جدلاً واسعاً حول حرية التعبير في البلاد.
يرى العديد من المختصين أن تعامل الحكومة مع وسائل الإعلام “يتسم بالجهل بدور الصحافة”، حيث يعتبر الصحفي المخضرم محمد إيو انوغان في حديثه للوكالة أن التكتم على الأخبار ذات البعد الدولي قد يضر بالمصالح الوطنية.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، أن “الإعلام أصبح أداة للدعاية الحكومية بدلاً من كونه مصدرًا للمعلومات”.
وأشار إلى أن “الحكومة تتجنب السماح بحرية التعبير لتفادي أية احتجاجات مشابهة لتلك التي شهدتها البلاد في 2019”.
التكتم على الجرائم
يرى الناشط الإعلامي في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية عبد الوكيل بلام، أن عدم تفاعل وسائل الإعلام مع حادثة مقتل السائحة السويسرية يدل على “تلقيها تعليمات من السلطات”.
وأشار بلام إلى أن هذا التكتم قد يكون نتيجة التخوف من تأثير الحادث على السياحة الصحراوية التي تسعى الحكومة لتعزيزها.
ردود فعل رسمية
استجابت الحكومة لانتقادات منظمات حقوقية بشأن حرية التعبير، حيث أكد الرئيس عبدالمجيد تبون أن حرية التعبير مضمونة للجميع.
وأشار الرئيس الجزائري إلى وجود قنوات إعلامية تعمل بحرية دون أن تغلقها السلطات. لكن العديد من المراقبين يعتبرون أن الوضع الحالي أسوأ بكثير مما كان عليه في السابق، مع استمرار القلق حول مستقبل حرية الصحافة والتعبير في الجزائر.